*
*
(قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ)
يقول تعالى مخبرا عن قول يعقوب لابنه يوسف حين قص عليه ما رأى من هذه الرؤيا ، التي تعبيرها خضوع إخوته له وتعظيمهم إياه تعظيما زائدا ، بحيث يخرون له ساجدين إجلالا وإكراما واحتراما فخشي يعقوب ، عليه السلام ، أن يحدث بهذا المنام أحدا من إخوته فيحسدوه على ذلك ، فيبغوا له الغوائل ، حسدا منهم له; ولهذا قال له : (لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا)أي : يحتالوا لك حيلة يردونك فيها. ولهذا ثبتت السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ، وبعض أهل السنن ، من رواية معاوية بن حيدة القشيري أنه قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر ، فإذا عبرت وقعت " ومن هذا يؤخذ الأمر بكتمان النعمة حتى توجد وتظهر ، كما ورد في حديث : " استعينوا على قضاء الحوائج بكتمانها ، فإن كل ذي نعمة محسود "
ومعناه كما قال الإمام النووي -رحمه الله-: (استعينوا على إنجاح الحوائج) لفظ رواية الطبراني: "استعينوا على قضاء حوائجكم"، (بالكِتمان) بالكسر أي: كونوا لها كاتمين عن الناس، واستعينوا بالله على الظفر بها ثم علل الطلب لها بقوله: (فإن كل ذي نعمة محسود).يعني إن أظهرتم حوائجكم للناس حسدوكم، فعارضوكم في مرامكم، وموضع الخبر الوارد في التحدث بالنعمة ما بعد وقوعها، وأمن الحسد. وأخذ منه أن على العقلاء إذا أرادوا التشاور في أمر: إخفاء التحاور فيه، ويجتهدون في طي سرهم، قال بعض الحكماء: من كتم سره كان الخيار إليه، ومن أفشاه كان الخيار عليه.
وكم مِن إفشاء سر أراق دم صاحبه، ومنع من بلوغ مأربه، ولو كتمه كان من سطواته آمناً، ومن عواقبه سالماً، وبنجاح حوائجه فائزاً، وقال بعضهم: سرك في دمك، فإذا تكلمت فقد أرقته. وقال انوشروان: مَن حصّن سره فله بتحصينه خصلتان، الظفر بحاجته، والسلامة من السطوات. وفي منثور الحكم: انفرد بسرك، ولا تودعه حازماً فيزول، ولا جاهلاً فيحول.
*
(قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ)
يقول تعالى مخبرا عن قول يعقوب لابنه يوسف حين قص عليه ما رأى من هذه الرؤيا ، التي تعبيرها خضوع إخوته له وتعظيمهم إياه تعظيما زائدا ، بحيث يخرون له ساجدين إجلالا وإكراما واحتراما فخشي يعقوب ، عليه السلام ، أن يحدث بهذا المنام أحدا من إخوته فيحسدوه على ذلك ، فيبغوا له الغوائل ، حسدا منهم له; ولهذا قال له : (لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا)أي : يحتالوا لك حيلة يردونك فيها. ولهذا ثبتت السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ، وبعض أهل السنن ، من رواية معاوية بن حيدة القشيري أنه قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر ، فإذا عبرت وقعت " ومن هذا يؤخذ الأمر بكتمان النعمة حتى توجد وتظهر ، كما ورد في حديث : " استعينوا على قضاء الحوائج بكتمانها ، فإن كل ذي نعمة محسود "
ومعناه كما قال الإمام النووي -رحمه الله-: (استعينوا على إنجاح الحوائج) لفظ رواية الطبراني: "استعينوا على قضاء حوائجكم"، (بالكِتمان) بالكسر أي: كونوا لها كاتمين عن الناس، واستعينوا بالله على الظفر بها ثم علل الطلب لها بقوله: (فإن كل ذي نعمة محسود).يعني إن أظهرتم حوائجكم للناس حسدوكم، فعارضوكم في مرامكم، وموضع الخبر الوارد في التحدث بالنعمة ما بعد وقوعها، وأمن الحسد. وأخذ منه أن على العقلاء إذا أرادوا التشاور في أمر: إخفاء التحاور فيه، ويجتهدون في طي سرهم، قال بعض الحكماء: من كتم سره كان الخيار إليه، ومن أفشاه كان الخيار عليه.
وكم مِن إفشاء سر أراق دم صاحبه، ومنع من بلوغ مأربه، ولو كتمه كان من سطواته آمناً، ومن عواقبه سالماً، وبنجاح حوائجه فائزاً، وقال بعضهم: سرك في دمك، فإذا تكلمت فقد أرقته. وقال انوشروان: مَن حصّن سره فله بتحصينه خصلتان، الظفر بحاجته، والسلامة من السطوات. وفي منثور الحكم: انفرد بسرك، ولا تودعه حازماً فيزول، ولا جاهلاً فيحول.